الصراعات الدولية أين تتجه بوصلة العراق؟

6299 مشاهدة
10:51 - 2023-11-15
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز / تقارير وتحقيقات
 
تمر منطقة الشرق الاوسط بازمة صراعات مستمرة تتجدد بين الحين والاخر، لكن اخرها قد يكون الصفيح الساخن الذي سيكوي دولا حتى وان نأت بنفسها وهي بعيدة عن الصراع وليست طرفا فيه، فيما العراق يتشبث بثوابته في النأي بنفسه عن أي صراع دولي او الدخول في أي محور من محاور هذا الصراع ، لكن الواقع على الارض يترجم خلاف ذلك، فسياسة العراق الخارجية مازالت هشة وتخطو خطوات على رمال متحركة ، ما يشير الى ان تلك الصراعات قد تلقي بظلالها على الوضع في العراق ، بعد سلسلة عمليات قصف لقواعد اجنبية داخل الاراضي العراقية تبنتها فصائل عراقية مرتبطة باجندات خارجية ظاهرها لنصرة فلسطين وباطنها اذرع تحركها للدخول في حرب مع الولايات المتحدة .

 

قاعدة عين الاسد الامريكية في الانبار

مشهد الصراع بين إسرائيل وحماس يخيم على دول وشعوب الشرق الأوسط ، والعراق بتمثيله الرسمي لايدفع بنفسه في هذا الاتون الحارق بعد ان عانى من الحروب والصراعات الداخلية ، لكن الامر يبدو خارجا عن سيطرة القرار الرسمي العراقي ،ما يؤكد الحاجة الى سياسة عقلانية تجنب العراق والمنطقة ويلات قد تتكرر مع استمرار الحرب على قطاع غزة وصمت الممجتمع الدولي ازاء ذلك.
رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وجه،الأجهزة الأمنية بالتصدي للجهات التي تستهدف قواعد التحالف الدولي في العراق ،وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، في بيان: "نؤكد رفضنا الهجمات التي تستهدف القواعد العراقية والتي تضم مقرات مستشاري التحالف الدولي، الموجودين بدعوة رسمية من الحكومة، لدعم عمل قواتنا الأمنية من حيث التدريب والتأهيل والاستشارة، وفق آلية واضحة جرى وضعها من قبل القنوات الرسمية والدبلوماسية العراقية"، مضيفا ان "القائد العام للقوات المسلحة وجه الأجهزة الأمنية كافة بالقيام بواجباتها وتنفيذ القانون وتعقب وتتبع العناصر المنفذة لتلك الهجمات، وعدم السماح بأي حال من الأحوال في الإضرار بالأمن والاستقرار اللذين تحققا بفضل التضحيات الجسام لأبناء قواتنا المسلحة، بمختلف صنوفها وتشكيلاتها". 
جاء ذلك بعد أن أمرت واشنطن بإجلاء الموظفين غير الأساسيين من سفارتها في بغداد وقنصليتها في أربيل، في بيان صدرعن وزارة الخارجية الأميركية ،تزامنا مع تصاعد التوتر في المنطقة، وكشف البيان أن أمر الإجلاء "يعود إلى التهديدات الأمنية المتزايدة التي تطال طواقم الولايات المتحدة ومصالحها في العراق" .
وقال البنتاغون ، إن قواته في الشرق الأوسط تحتفظ بحق الدفاع عن النفس مع العمل على تجنب اتساع رقعة الصراع، مشددا على أنه لم يرصد أمرا مباشرا من طهران لوكلائها لزيادة الهجمات ضد القوات الأميركية بالشرق الأوسط.

كل هذا يؤكد بما لايقبل الشك بان الصراع الدولي الدائر اليوم في غزة سيعود ويلقي بظلاله في النهاية على العراق ، العراق البعيد والطامح رسميا على الاقل لعدم زج نفسه باي صراع ، لكن الواقع يفرض عليه ان يتعامل مع ما يحصل من استهداف عراقي لقواعد اجنبية داخل اراضيه على ايدي جماعات تقول واشنطن انهم وكلاء لايران وتتوعد بالرد عليهم في الوقت المناسب .

مشهد الصراع بين إسرائيل وحماس يخيم على دول وشعوب الشرق الأوسط ، والعراق بتمثيله الرسمي لايدفع بنفسه في هذا الاتون الحارق بعد ان عانى من الحروب والصراعات الداخلية ، لكن الامر يبدو خارجا عن سيطرة القرار الرسمي العراقي ،ما يؤكد الحاجة الى سياسة عقلانية تجنب العراق والمنطقة ويلات قد تتكرر مع استمرار الحرب على قطاع غزة وصمت الممجتمع الدولي ازاء ذلك

سياسة خارجية عراقية بذراعين ، رسمية واخرى فصائلية ، وهذا الازدواج وفقدان السيطرة الرسمية سيكلف على مايبدو العراق كثيرا ، اذا لم تحدد الحكومة اولئك الذين يستهدفون القواعد الاجنبية لتنقذ نفسها وبلدها .
وتتصاعد التحذيرات من مخاطر جر العراق إلى صراع المحاور ، ويرى مراقبون أن "توحيد ساحات المقاومة" سيضر بالمصالح العراقية، وسيكبد العراق خسائر كبيرة لن تستطيع حكومة محمد شياع السوداني تحملها، خاصة وإن العراق لديه اتفاقا استراتيجيا مع الولايات المتحدة الأميركية، ما سيعيد البلاد إلى المربع الأول بعد ان قطع اشواطا في ترسيخ امنه الداخلي .
 
القواعد الأميركية في العراق (فكتوريا في بغداد، وعين الأسد في الأنبار، وحرير في أربيل)، تعرضت ومنذ ان شنت اسرائيل الحرب على قطاع غزة إلى عمليات استهداف من قبل "فصائل عراقية" ، بعد هدنة دامت لأكثر من عام، ورغم عدم اتخاذ القوات الأميركية حتى الآن موقفا للرد على تلك الفصائل، إلا إن استمرار الهجمات قد يجبر واشنطن على شن عمليات للرد على تلك الاستهدافات، بحسب مايراه مراقبون ، وهذا هو الوقوع في المحذور بعينه .
الخبير الأمني، مخلد حازم الدرب، يرى إن "محور المقاومة يمتد من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن، وأراد المقاومون من استهداف القواعد الأميركية في العراق، إيصال رسالة بإنهم جاهزون للرد على المصالح الأميركية إذ ما حصل اجتياح لغزة، على اعتبار أن أميركا هي الساند لاسرائيل في حربها ضد غزة" ، ويضيف ، أن "خطاب السوداني في القاهرة، لم يكن دبلوماسياً مثل خطابات باقي الرؤساء والملوك، بل كان حماسياً عاطفياً وثورياً، واعتبر العراق جزءاً من محور المقاومة في الصراع الدائر، ما حفّز فصائل المقاومة على استهداف القواعد والمصالح الأميركية في العراق".

 أن "خطاب السوداني في القاهرة، لم يكن دبلوماسياً مثل خطابات باقي الرؤساء والملوك، بل كان حماسياً عاطفياً وثورياً، واعتبر العراق جزءاً من محور المقاومة في الصراع الدائر، ما حفّز فصائل المقاومة على استهداف القواعد والمصالح الأميركية في العراق"

كما اوضح الدرب ،أن "الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت، بعد خروج قواعد الاشتباك عن الأطر المتعامل بها، خاصة إذا ما وحّدت الساحات خطابها وأعلنت ساعة الصفر لبدء عملياتها، حينها سيكون العراق جزءاً من هذه العمليات وسيلتهب الوضع" ، مشيرا الى أن "عدم رد الجانب الأميركي على استهداف قواعده حتى الآن، ربما لاعتبار هذه الهجمات ضمن (قواعد اشتباك طبيعية)، إلا إنه لن يقف مكتوف الأيدي في حال زيادتها وسيردّ، ما سينعكس على الوضع الاقتصادي الهشّ، والأمني المستقر نوعاً ما، وسيعيد بالبلاد إلى المربع الأول".
ويقول المحلل السياسي، أحمد الياسري، إن "مسألة خفض التمثيل الدبلوماسي الأميركي في السفارة الأميركية مرتبط بقواعد الاشتباك الداخلية، التي هي بين الفصائل المدعومة من إيران وبين القوات الأميركية المتواجدة في العراق"، مشيراً إلى أن "عمليات الاستهداف الأخيرة في العراق على اثر أحداث غزة أخلّت بقواعد الاشتباك".
 
ويضيف الياسري، أن "قرار الفصائل بمهاجمة القواعد الأميركية، غير مركزي، فلم يأتِ من أحزابها أو يتعلق بالمصلحة العراقية"، مبيناً أن "الواجهة السياسية لهذه الفصائل، هي واجهة حزبية، تشكل الكتلة الأكبر في البرلمان، كما تشكّل حكومة حزب الله في لبنان، وهذا الارتباط العسكري مرتبط بالحرس الثوري" ، مبينا أن "هذه إشكالية تعيشها قوى الفصائل في العراق، بين الحصول على المكاسب السياسية والمناصب، وبين الاستمرار بفكرة توحيد الساحات المرتبط بأحداث خارجية ليس للعراق شأن بها، سواء أحداث غزة أو حرب لبنان أو في اليمن وهكذا"، لافتا الى ان هذا الجانب قد يستخدم كورقة ضاغطة على حكومة السوداني ان لم تستطع ضبط حركة الفصائل".
 
  رؤساء الدول في القمة العربية الإسلامية في السعودية 2023
مدير مركز الرصد للدراسات السياسية والاستراتيجية، محمد غصوب يونس، يشير الى أن "ما قامت به "الفصائل" لا يصب بمصلحة العراق، ولا يعتبر دعماً لقوات حماس أو لفصائل المقاومة في غزة، بل كان من الأجدر اللجوء إلى وسائل أخرى للضغط على الأميركان وعلى اسرائيل "، ويؤكد أن "هذا الموقف الذي قامت به الفصائل سينعكس سلباً على الوضع في العراق، وسينهي شهر العسل بين حكومة السوداني والسفيرة الأميركية التي كانت مقربة من الحكومة ومن الكثير من قادة الإطار التنسيقي".
 
العراق بين القرار الرسمي وانفلات "الفصائل"
لاشك في ان دخول العراق في صراع المحاور سيعرضه لخسائر كبيرة لن تستطيع حكومة السوداني تحملها، في ظل تحديات كبيرة تواجه الحكومة ،وكان الاجدر الاكتفاء بالمواقف الرسمية التي تدعم الشعب الفلسطيني، والتركيز على وقف إطلاق النار في غزة، من دون إثارة المشاكل مع الولايات المتحدة الأميركية".
مراقبون للشأن السياسي يرون ان تزامن زيارتي وزير الدفاع الأمريكي ووزيرة الخارجية الألمانية إلى بغداد، إلى وجود صراع دولي حول العراق، بهدف جرّ الحكومة إلى محور معين من جهة، ومن جهة ثانية لتأكيد الوجود الأمريكي فيه .
 
المحلل السياسي خالد عبد الإله، يرى إن "زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن إلى المنطقة مؤشر على أن الولايات المتحدة متمسكة بمنطقة الشرق الأوسط، من خلال تطبيق رؤية بايدن أو فيما يتعلق بالإستراتيجية الأميركية الجديدة" ، أن "الحديث عن هذه الزيارة ليس جديدا، لكنها جاءت لتؤكد على إستراتيجية جديدة قد يكون فيها لوزارة الدفاع الأمريكية دور كبير خاصة عندما يتحدث أوستن عن جاهزية القوات الأمريكية للبقاء في المنطقة من ناحية، وأيضا هي رسالة إلى بعض البلدان ،لاسيما روسيا التي تخوض صراعا مع أوكرانيا وتتواجد في سوريا"، بحسب مايراه ، مايعني ان صراع محاور جديد قد يتسلل الى المنطقة من اضعف نقطة وهي العراق .

 الابرياء وحدهم هم سيكونون ضحايا الصراعات الدولية والدخول بمحاور على حساب البلدان والشعوب ، والدول الذكية هي من تبحث عن مصالح شعوبها وتنأى عن تلك المحاور والصراعات في وقت عصيب تمر به دول المنطقة بل والعالم اجمع ، فحرب الاقتصاد على الابواب مع تراجع موارد بعض الدول وما القته الحرب الروسية الاوكرانية من ظلال على العالم

وكالة رويترز ،نقلت عن مسؤول أمريكي قوله، إن الهدف من زيارة أوستن إلى بغداد هي الإبلاغ بأن واشنطن ليست مهتمة فقط بالجانب العسكري، لكنها ترغب بشكل كبير بإقامة شراكة إستراتيجية كاملة مع الحكومة العراقية، وأن قواتها باقية في العراق، في تأكيد واضح على دور العراق المهم في المنطقة والذي يجب ان يبقى ضمن سياسة دولية تريد له ان يكون فاعلا في المنطقة على المستوى الدبلوماسي وليس مهددا لمصالح حلفائه، وقد تكون رغبة في جر العراق الى المحور الامريكي الاوربي وتجريده من محور روسيا - ايران .
 
ان صراع المحاور في العراق يبدو واضحا وليس بالجديد، والحكومة العراقية تريد أن تكون خارج سياسة تلك المحاور، لكن الواقع خلاف ذلك، لاسيما ان تأثير ايران والولايات المتحدة الامريكية واضح جدا على القرارالسياسي العراقي.
 

زيارة وزير الخارجية الامريكي توني بلنكين الاخيرة الى بغداد ولقاءه بالسوداني

الابرياء وحدهم هم سيكونون ضحايا الصراعات الدولية والدخول بمحاور على حساب البلدان والشعوب ، والدول الذكية هي من تبحث عن مصالح شعوبها وتنأى عن تلك المحاور والصراعات في وقت عصيب تمر به دول المنطقة بل والعالم اجمع ، فحرب الاقتصاد على الابواب مع تراجع موارد بعض الدول وما القته الحرب الروسية الاوكرانية من ظلال على العالم .
 
لم تكن سياسة العراق الخارجية ودبلوماسيته واضحة المعالم حتى اليوم ، ذاك ان من يتحكم بها ارادات الدول التي تتخذ من العراق ساحة لتصفية حساباتها على حساب بلد وشعب مرّ بويلات لاحصر لها ، وبالتالي فان مواقف العراق السياسية الخارجية يجب ان تراعي كل هذا وتحسب حساب مصالحها قبل مصالح المحاور، لتجنب شعبها وبلدها ازمات ليست بصالحها .
 
 

اختيار المحررين