منارات ربانية

في شارع بن عقيل في الكرخ

928 مشاهدة
06:37 - 2022-06-22
ثقافة عامة

الداعي نيوز/ ثقافة عامة

 
 تقرير/ علي ناصر الكناني 

في شارع بن عقيل القريب من منطقة وسوق الشواكة المعروف بقدمه وعراقته بين اسواق كرخ بغداد الشعبية والذي هو بمثابة امتداد له لينتهي عند بداية جسر الشهداء باتجاه الرصافة حيث تنتشر على جانبيه العديد من المحال التي تميزت بمهن وحرف تراثية وصناعات شعبية وتقليدية تعتمد في غالبيتها على المهارات اليدوية التي توارثها اصحابها او مزاوليها عن أبائهم وربما اجدادهم ثم ليورثوها الى ابنائهم حرصا منهم في التواصل معها والحفاظ عليها وعلى اسرارها وخفاياها والتي من بينها صناعة شباك صيد الاسماك والحبال والسلال ووسيلة صعود النخيل لاغراض التلقيح وجني التمور المسماة ( بالتبلية ) وغيرها .


اضافة الى وجود محلات اخرى اختصت ببيع الالبان والأجبان المصنعة محليا استوقفني منظر واجهة احد هذه المحال التي اكتظت بانواع مختلفة من الحبال وشباك الصيد وغيرها من المصنوعات والمنتجات التي أثارت فضولي الصحفي في ان اسال عن تفاصيل اخرى عنها من محدثي زمان صاحب الكوفي تولد 1966 صاحب المحل الذي قال 
- لقد توارثت هذه المهنة من والدي الذي  ترك العمل بها منذ سنوات نتيجة مرضه والتي عمل بها منذ اواخر الخمسينات والستينات , وقد توارثنا المهنة أنا واخوتي الا انهم غادروها بأتجاه العمل الوظيفي في دوائر الدولة وبقيت أزاول هذه المهنة منذ طفولتي ولحد الان لا تعلم الكثير من اسرارها وخفاياها فقلت له ماهو مصدر هذه الحبال واين يتم تصنيعها فأجاب :
كانت الحبال تاتي عن طريق البصرة والموانئ من دول عديدة من بينها الهند ودول اخرى غيرها وعلى شكل بالات ثم يتولى عدد من العاملين من الرجال والنساء عملية مايسمى ( بالبرم ) لربط الحبال فيما بينها لتكون باحجام طويلة وهذه العملية تتم قرب شاطئ نهر دجلة لاجراء عملية كسر الحبال ثم تجلب الى المحال لعرضها وبيعها حسب الطلب فمنها ما يستخدم لربط الحيوانات ومنها لربط الزوارق الحديدية الكبيرة والخشبية 

هناك العديد من انواع شباك الصيد فمنها مايصنع من خيوط الغزل ومنها "العصب" كما ان هناك انواع اخرى تصنع من خيوط البرشوت وتسمى "المنكنة" كونها تحتوي على اكثر من خيط وهي ايضا على انواع وحسب حجم الاسماك فمنها مايسمى "بالدودي" والتي مخصصة لصيد الاسماك الصغيرة "الحرش" او الزوري الى جانب انواع اخرى تسمى "التسيعي" و "العشيري" للاسماك المتوسطة ونوع اخر يسمى "السبيعي" وهذا يستخدم للاسماك الكبيرة واستخدامه يكون في المناطق الغربية

كما ان هناك العديد من الانواع كمايشير الكوفي بقوله هناك القنب "الجنب او السيزار" والذي يتم استخراجه من ليف خاص على هيئة بالات وقسم اخر يأتي على شكل حبال جاهزة ومن الانواع الاخرى "الستلي" وانواع اخرى تصنع من القطن او النايلون والتي هي مستوردة ايضا 
ماذا عن الحبال التي تصنع محليا او يدويا ,
نعم هناك انواع من الحبال تصنع من ليف النخيل ويتم صنعها في البيوت من قبل النساء مشيرا الى ان عملية الاستيراد للحبال قد اثرت كثيرا على الصناعات المحلية اليدوية رغم جودتها .
واود ان اذكر هنا بانه كان في بغداد معملا خاصا لصناعة الحبال ثم انتقل الى محافظة البصرة . مؤكدا على ان شارع بن عقيل الذي نحن فيه الان يعد الممول الرئيس لكافة مدن العراق على الرغم من وجود مناطق اخرى في بغداد كأسواق تباع فيها هذه الحبال كالكاظمية في ساحة العروبة وسوق الغزل ومدينتي الصدر والشعلة .
ماذا عن شباك صيد السمك وانواعها , 


يواصل زمان الكوفي حديثة عن جانب اخر من الصناعات الشعبية التي عرف بها شارع بن عقيل وهي صناعة شباك صيد الاسماك بقوله :
هناك العديد من انواع شباك الصيد فمنها مايصنع من خيوط الغزل ومنها (( العصب))كما ان هناك انواع اخرى تصنع من خيوط البرشوت وتسمى (المنكنة ) كونها تحتوي على اكثر من خيط وهي ايضا على انواع وحسب حجم الاسماك فمنها مايسمى (( بالدودي) والتي مخصصة لصيد الاسماك الصغيرة (الحرش) او الزوري الى جانب انواع اخرى تسمى ( التسيعي ) و(العشيري ) للاسماك المتوسطة ونوع اخر يسمى (السبيعي ) وهذا يستخدم للاسماك الكبيرة واستخدامه يكون في المناطق الغربية ويؤكد الكوفي ان الشباك التي يتم صنعها محليا هي مازالت المفضلة على المستوردة لجودة مواصفاتها ومتانتها رغم انها الاغلى سعرا من المستورد 
ويتم تصنيعها في النجف الاشرف وبعض المناطق الجنوبية لافتا الى ان عملية صيد الاسماك بالطرق التقليدية قد قلت وبشكل ملحوظ بسبب الاتجاه الى تربية الاسماك في الاقفاص العائمة في النهر وهي مصنوعة من مادة البولي أثلين وهذه الشباك مستوردة من خارج العراق كالصين وتايلند وكوريا وغيرها . 


ولاينسى زمان الذي امضى اكثر من ثلاثين عاما في مهنته هذه من ان يذكر لنا موقفا طريفا مر به في تسعينيات القرن الماضي حين قام برمي شباك الصيد في بحيرة الحبانية وهو يسعى جاهدا في زورق استاجره للحصول على كمية من السمك وبعد ان اكمل عملية رمي الشباك وسط النهر فوجئ بان هناك زورق بخاري ياتي باتجاه وعلى متنه دورية من الشرطة النهرية فبدا يجذف باتجاه الشاطئ وعندما سألوه عن الشباك الموجودة في النهر انكر خائفا بعائديتها له فقاموا بقطعها وترك اعداد الاسماك التي اصطادها بالعودة ثانية الى النهر كونه لم يكن يعلم بأن الصيد في هذا المكان هو محظور .

بقي ان نقول ان زمان يهوى نظم الشعر الشعبي وكتابته وقد نشرت له العديد من القصائد في عدد  من الصحف المحلية ويطمح مستقبلا لجمعها في ديوان خاص به .

اختيار المحررين