خوف

08:04 - 2022-07-15
طالب المحسن

الداعي نيوز / مقالات 

في بيت يطل على دجلة ، تناولنا العشاء وسهرنا حتى منتصف الليل، ذهبتُ الى غرفتي ، استلقيتُ على الفراش لكن النوم لم يأتني، هكذا أنا حين يتغير فراشي، خرجت الى الحديقة المطلة مباشرة على النهر ، جلستُ على دكة قرب الضفة، كانت ليلة ظلماء، يخيم عليها السكون ، بالكاد تسمع نقيق الضفادع، طير فزع يمرق فوق رأسي، امواج نهر بطيئة ونسأئم باردة وخفية تهب في تلك الساعة . كل شيء هاديء وناعس، أغصان تتحرك بدعة،  صفحة الماء تبدو سوداء لشدة الظلام المطبق، احيانا تتحرك بعض الاسماك وكأنها فقاعات تتكون هنا وهناك .الكلمات التي قالها صديقي صاحب البيت عن افاع كبيرة تلتهم الاشخاص، عن جرائم غريبة حدثت هنا وعن قاتل حر وطليق يقتات على اجساد ضحاياه جعلت قشعريرة تعتري جسدي، فكرت بالعودة الى غرفتي لكن نسمة الخوف هذه أصابتني بالارتخاء فلم أعد أقوى على المغادرة.
زورق مر في منتصف النهر ، مصباح الزورق فضح النهر وبانت أمواجه وهي ترتطم بحافة الزورق الذي صار امامي وها هو يدور دورة كاملة ثم يتجه نحوي، الضوء يكشفني حتى اني رأيت ظلي الذي أمتد على طول الحديقة، اقترب كثيرا حتى وصل الضفة، قفز رجل، عقد الحبل بوتد وكأنه يعرف المكان ثم تقدم نحوي، جلس على صخرة أمامي مباشرة دون أن يلقي التحية أو يقول كلمة واحدة، محرك الزورق مازال مشتغلا والضوء مسلط علينا، حدقت في وجهه، كان يشبهني تماما، لم أعد أعرف أيهما أنا، حتى حين نهض واتجه صوب زورقه وقاده الى منتصف النهر ثم اختفى بعيدا خلف الأشجار ، لا أدري هل أنا فعلا الذي يجلس وحيدا على دكة قرب الضفة أم ذاك الذي يخترق صفحة الماء .

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين