العراق والعالم

07:30 - 2023-02-13
صلاح السعدي


الداعي نيوز / مقالات 


يبدو ان العالم يجب ان ياتي بعد العراق ، ليس فقط لعمقه التاريخي كونه اساس نشأة حضارة العالم بل لان الواقع يحكي ان يد اقطار العالم لاتنفك عنه . ربما نتوقع لانهم يطمعون في خيراته او يحاولون استغلال ستراتيجية موقعه او ابعاد سياسية اخرى. 

  و الظاهر هو هذا او على الاقل ما هو معلن اما الحقيقة فقد تكون غير ذلك حتى وان كانت نوايا الدخلاء تتفق مع المعلن . ! لماذ ؟ لان العالم بالنتيجة يتاثر بمجمل النتائج فقد تكون نية الافعى اشباع غريزة الجوع من اكل الفئران لكنها بالنتيجة تحمي ثمار الحقول فالمعنى اذن ظهر بمنأى عن الفعل. فهناك طاقة حياة في وجودنا تدعو بحال وجودها المخلوقات للبقاء بايجادها والعروج فيها وازائهارهناك طاقة سلبية تسير بالمخلوقات الى الهلاك وهما النتيجة من وراء كل الافعال اي اننا داخل منظومة وجودية قديمة لنا فرصة البقاء فيها او الانزلاق الى هاوية الفقدان والعذاب. 

لا اخفي ان لهذه الصورة الحقيقة مسميات عدة واكثرها شيوعا هي التسميات الدينية ولكنني هنا اعرض الحقيقة مجردة لنرى ان العراق هو اصل ظهور اثر الحياة والادلة الظاهرة هي تاريخه وخيراته . فنحن لم نسال انفسنا عن سر نشاة الحضارة الانسانية فيه . ولايجاد الاجابة نحتاج امثلة واقعية توصلنا الى الحقيقة . فنحن لا نرى اي فكرة او ظاهرة او نظرية تستجد الا بشخص سابق يكون بها رائدا لغيره ومن ثم اخرين بعضهم يتلو بعض ويتوقف حجم ظهور وشيوع هذه الافكار والظواهر على مدى تاثيرها على حياة الناس .

ومن هنا فان الحضارة بدات بوعي انسان وجد نفسه بمفهوم اخر غير ما كانت عليه اقرانه وعندما اراد ان يظهر للغير وينشر الوعي احتاج الى اظهار شيء جديد غير مالوف . وهكذا منطقيا ظهر المجتمع وظهرت الحضارة ، لكن من هو ذلك الانسان ؟ ربما هذا هو ادم عليه السلام الذي ظهر في اثره عندما رجع الى العقل الفطري فوجد نفسه محاطا بمخلوقات عارية لا ترتفع بمستواها العقلي عن الحيوان فبشرهم من خلال بعض الممارسات فقلدوه واستطاع قيادتهم لكنهم لم يصلوا الى درجة وعيه وربما تكرر من بعده اخر احتاج ان يضع القوانين لتنظيم حياة المجتمعات التي تطورت اكثر وهكذا استمر التطور في ظل الحضارة قرونا من بعد قرون وانتشر التطور الى اقطار الارض اما الوعي فبقى في مكان ما في هذه الارض . لكنه غير ظاهر ولا مسيطر بدلالة بقاء همجية الانسان الذي يحارب بعضه بعضا ويقتل بعضه بعضا باسم الدين والقومية والمصالح وغيرها . اما الوعي فهو كما اشرنا باقٍ في ارض نشاته بانسان عبر حدود قيود الافكار والمعتقدات الشائعة ووصل الى ادراك الحقيقة ليصبح محور التقدم الحقيقي الذي يبحث عنه الناس بفطرتهم وتأباه نفوسهم دون ان يدركوا حاجتهم الفعلية له .

نعم الوعي هو تطور الانسان لادراك الحقيقة وهذا ماكان يسمى نبؤة او امامة عند اهل الدين وهم ليسوا كالفلاسفة عند اهل الدنيا لان الفرق بين الاثنين كالفرق بين الشيء وظله فالشيء حي والظل ميت .

هذا الوعي هو سر تمحور الاحداث حول العراق . فهل ياترى سيعلم من دخل للعراق انه يبحث عنه ولا يدري ؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين