رياضة

أيام ساخنة.. الحرائق " تكوي " قلوب العراقيين

4157 مشاهدة
01:00 - 2021-07-26
تقاریر و تحقیقات

 الداعي نيوز / تقارير 
 

سجّلت فرق الدفاع المدني خلال الخمسة اشهر الاولى من عام 2021  7000 حريق في العراق، لم يعترف بالمسؤولية عنها أحد، قيدت جميعها ضد مجهول ! ويقول المتحدث باسم الدفاع المدني العميد جودت عبد الرحمن، أن بغداد أكثر مدن العراق تعرضا للحرائق، إذ تُسجل فيها 40% من حرائق البلاد، وقد أحصي فيها 2800 حريق خلال الأشهر الثلاثة الأولى من  العام 2021 .

صور من الارشيف لحريق في حقول الحنطة

بدأ مسلسل الحرائق ، "الحرق" ،أوائل الصيف الحالي بحرائق طالت المحاصيل الزراعية  "القمح والشعير" لكن على ما يبدو انها بداية لخطة اكبر من استهداف المحاصيل الزراعية ، حيث بدأ بعدها مسلسل الحرائق في الدوائر والمؤسسات والفنادق والمطاعم لتمتد بعدها الى المستشفيات في ظل  تنامي الصراع والتسقيط السياسي بين الطبقة السياسية الحاكمة وأحزابها ومكوناتها. 

 هو عام الانتخابات المبكّرة المقّرر إجراؤها في العاشر من شهر (تشرين الأول) المقبل، ما يعني ان صراعا محتدما قد بدأ بالفعل، بعد ان ايقن من احترقت اوراقهم وتعرّت شعاراتهم وبرامجهم ووعودهم الكاذبة بفعل الفساد والخراب الذي لم يترك جزءا من ارض العراق الا واخذ منه نصيبه، وكان على الخاسرين سلفا ان يتصدوا باسلحتهم المعهودة لكل تغيير محتمل ،ولايهمهم حتى وان احرقوا البلد بما فيه .  

لقد كشف حريق مستشفى الحسين في الناصرية صفحة من صراع السلطة والتكالب على البقاء في الكراسي حتى وان كان الثمن حرق العراقيين وهم مرضى

ويرى الشارع العراقي ان الحرائق المتتالية لمؤسسات الدولة لم تكن  مصادفة، ففي نفس يوم حريق مركز عزل الناصرية، كان هناك حريق في القسم الإداري والمالي في مبنى وزارة الصحة ببغداد، ما يشير إلى أن هناك خلافات سياسية تتعلق بهذه الوزارة، ويشكك نسبة كبيرة من العراقيين بشأن حرائق المستشفيات، ويلقون باللوم بشكل أساسي على الكتل السياسية والخلافات بينها. 

وفي هذا الصدد، ألمح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى تورط سياسي في حادث حريق مستشفى الحسين، وقال في جلسة لمجلس الوزراء : " إن الوطنية لا تتقبل فكرة أن يتعمّد العراقي قتل أخيه من أجل هدف سياسي، مؤكدا أنه عندما تنجرف السياسة بعيدا عن المبدأ الأخلاقي والالتزام الإنساني، فسنكون تحت سيطرة مبدأ شريعة الغاب بعينها، مشيرا إلى أن حكومته لن تتسامح مع الفاسدين أو المتلاعبين بأرواح المواطنين أيا كانت صفاتهم أو انتماءاتهم، مايؤشر معطيات خطيرة عن تورط سياسيين واحزاب بمسلسل الحرائق والخراب الذي بدأ وقد لاينتهي بنهاية الانتخابات المقبلة . 
 

من الارشيف لحريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد

وليس من المهم لدى قوى السلطة والاحزاب الحاكمة أن يموت حرقاً في مستشفى ابن الخطيب في العاصمة بغداد أكثر من 80 مريضاً لجأوا الى المستشفى لانقاذ ارواحهم من الوباء لكن وباء اشد قد فتك بهم على يد ابناء جلدتهم مهما كانت اسباب الحرق او الحريق ، وليس مهما ايضا ان يموت اكثر من 100 شخص وعشرات المصابين بحروق في مستشفى الحسين التعليمي في الناصرية بسبب الحريق الذي التهم المستشفى المخصص لعزل المصابين بفيروس كورونا ، مستشفى حرق نفسه بنفسه، لان السلطة اختارت ان يكون بناؤه قابلا للاشتعال ! 

الحرائق التي شهدها العراق هذا العام جاءت مختلفة تماماً عنها في الأعوام السابقة، جاءت قبيل انتخابات يريد العراقيون منها اعادة صياغة العملية السياسية وتغيير كل الوجوه التي احرقت العراق والعراقيين بفسادها وسوء ادارتها للبلاد منذ عام 2003 وحتى الان . 

العقل المدبر لحرائق مؤسسات الدولة ومستشفياتها والفنادق ادرك تماما  ان ترهيب العراقيين هو السبيل الى ان يرضوا باي شي حتى من دون قناعة، ليفرض امرا واقعا ومهما كانت الوسيلة

 الجميع مشغول بداعيته الانتخابية .. دعاية كسرت كل قيود المعقول وابتكرت الاحزاب المتهاوية طرقا واساليب جديدة لاتخطر على بال الشيطان ، وان تطلب الامر حرق المستشفيات والمؤسسات ومبنى وزارة الصحة واسقاط ابراج نقل الطاقة الكهربائية وغير ذلك ، والشماعة بالتاكيد " داعش والارهاب " ، ويبدو ان لا اختلاف بين هؤلاء وبين داعش، لا في الاسلوب ولا حتى في الطرح ، حيث بدأت المشكلات مع الجميع، بدءاً من المكوّنات الثلاثة الأكبر، الشيعة والسنة والكرد، مروراً بالأحزاب والحكومة . 

من الارشيف صورة لحريق وزارة الصحة في الطابق الخاص بالشؤون الادارية والمالية

لقد كشف حريق مستشفى الحسين في الناصرية صفحة من صراع السلطة والتكالب على البقاء في الكراسي حتى وان كان الثمن حرق العراقيين وهم مرضى . 

المشهد العراقي ذاهب إلى مزيد من التصعيد وخلق حالة من التوتر المجتمعي ، فكلما اقترب موعد الانتخابات، كلما ازداد السياسيون من اصحاب المفاسد شراهة للقتل والتدمير والحرق وبشتى الطرق.  
 
وزارات تحترق ومستشفيات ومؤسسات دولة امام "اللادولة"، فكلما تخاصم السياسيون فيما بينهم ، تشتعل الحرائق في بغداد وذي قار والبصرة والنجف وكربلاء وكركوك ومدن اخرى من البلاد ، وتضيع معها الحقائق والفاعل سيكون بالتأكيد حاضرا دوما "تماس كهربائي"، أو قنينة أوكسجين.

كشفت الحرائق في مستشفيات بغداد والناصرية الواقع المزري لمؤسسات الدولة  في عموم العراق، فقد استُهدفت المدن الجنوبية والوسطى بفساد السلطة الذي نتج عنه فقدان الطاقة الكهربائية والعوز والفقر، الذي يزداد يوما بعد اخر ، بينما تتقاسم احزاب السلطة المغانم فيما بينها بكل تبجح ودون ادنى خجل ، مغانم هي ثروات شعب مغلوب على امره ابتلي بثلة من الفاسدين لاترعوي.  
 

من الارشيف لحريق مستشفى الحسين في الناصرية

العقل المدبر لحرائق مؤسسات الدولة ومستشفياتها والفنادق ادرك تماما  ان ترهيب العراقيين هو السبيل الى ان يرضوا باي شي حتى من دون قناعة، ليفرض امرا واقعا ومهما كانت الوسيلة، اغتيال او حرق او ترهيب، ليقول للشعب: "لو العب لو اخرّب الملعب". 

كيف لدولة  تدعي احترام حقوق شعبها ان تلقي بالمرضى في اتون مجمعات بنيت من مواد قابلة للاشتعال وسط صيف ساخن ونقص في امدادات الطاقة الكهربائية ؟ وكيف لمسؤولين عن سلامة الناس يجلسون خلف الكراسي وشعبهم يتضور موتا وحرقا بفعل سوء ادارتهم وفسادهم؟ الى اين يمضي العراق ؟ لابد من صرخة مدوية بوجه من اوصل البلد الى هذا الحال المزري وازاحة كل فاسد ومنتفع من المال العام عن كرسي السلطة وتنظيف مؤسسات الدولة من المحسوبية والمناصب غير المستحقة ، بلد مثل العراق لايرضى باقل من ان يكون بمصاف جيرانه من الدول ،  
وهل بناء مستشفى آمن يليق بالعراقيين "بالمعجزة" ؟

اختيار المحررين