رياضة

العراق.. كارثة جفاف تطرق الابواب

6753 مشاهدة
10:35 - 2022-05-06
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز /تقارير وتحقيقات


يقولون ان انهارا جارية كانت هنا حيث بلاد الرافدين ومنبع الخصب والنماء، وانحسرت فجأة! واستبدلت الارض جلدها الطري الخصب بآخر صلد جاف لاماء فيه، ويقولون ايضا ان دول المنبع ايران وتركيا، اغلقت منافذ تدفق الانهار صوب العراق، فعم الجدب ارضه الخضراء وامست بلا ملامح، انها قصة انهار بلد باتت خاوية جافة لاحياة تنبض فيها ، لابساتين تتراقص من حولها ولا حتى نسمات عليلة تمر عبرها لتملأ رئات الوطن وتعقمها بهواء كان قد مر يوما ما عبر انهار كانت تسمى انهارا. 

بالصورة.. هكذا بدا نهر ديالى بعد تحويل مجرى مياهه داخل الاراضي الايرانية

تبني دول العالم السدود وتملأ الخزانات لتعوض نقص مياهها جراء شح الامطار والجفاف، فيما العراق يغض الطرف عن مياهه ولايبالي امتلأت انهاره ام لا، فدول الجوار المتشاطئة مع العراق تحول مسارات مياه الانهر لتحول دون تدفقها الى انهر العراق، وسط صمت حكومي، ومعاناة المزارعين والفلاحين والصيادين ومن اتخذ الانهار مصدر للعيش وديمومة الحياة. 

تشهد محافظة ديالى الغنية بالبساتين، وضعا سيئا من حيث جفاف الانهر في الاونة الاخيرة حيث مصب النهر سيزداد سوءا إذا لم يتم التوصل لاتفاق مع إيران، التي تنبع منها كذلك نحو 18 بالمئة من مياه نهر دجلة

 نهر سيروان الذي يقع خلف الحدود العراقية الايرانية، وينبع من إيران ويمر على امتداد حدودها مع العراق قبل أن يتدفق داخل كردستان ثم ينحرف جنوبا ليلتقي بنهر دجلة، كان هادرا يوما من الايام فتحول الى مجرد مجرى صغير لا هدير يسمع له، يكمن وراء الحدود مع إيران، حيث تتحكم ايران بهذا النهر منذ سنين توجهه صوب ما تشاء، متجاوزا مصبه في الاراضي العراقية من جهة محافظة ديالى، المحافظة الاكثر تضررا من جفاف الانهر، كونها تحوي بساتين كثيرة وتمد العراق باصناف الفواكه والخضار، 

سد اليسو التركي

ويفاقم ضعف التدفقات من بلدي المنبع إيران وتركيا الى العراق مشكلات كثيرة لدى  محلية مثل التسريبات وقدم خطوط الأنابيب والسحب غير القانوني من التدفقات.

وتبني إيران وتركيا سدودا كبيرة لحل مشكلات نقص المياه لديهما كما أن التعاون الإقليمي بشأن هذا الأمر متفاوت.

 سكان ومزارعو قرى عراقية يوكدون إنهم يشعرون بتأثير نقص تدفقات المياه من إيران منذ اعوام ويشكون من أن هذا النقص كان له أثر كبير المناطق الواقعة عند المصب خاصة في السنوات الاخيرة حيث تزايد الجفاف والتصحر وحال دون استمرارهم بتنمية محاصيلهم الزراعية وبساتينهم المطلة على الانهار. 

سد کنجان‌ چم في محافظة إيلام الحدودية مع العراق

وتشهد محافظة ديالى الغنية بالبساتين، وضعا سيئا من حيث جفاف الانهر في الاونة الاخيرة حيث مصب النهر سيزداد سوءا إذا لم يتم التوصل لاتفاق مع إيران، التي تنبع منها كذلك نحو 18 بالمئة من مياه نهر دجلة،. اذ تشهد المحافظة الواقعة شرقي العراق منذ أعوام موجة جفاف شديدة، جرّاء قطع إيران عدداً من روافد الأنهار وتحويل مجرى أخرى ومنعها من دخول الأراضي العراقية، وسط استمرار تلويح وزارة الموارد المائية العراقية بتدويل القضية، وادى الجفاف المتزايد في هذه المحافظة أدّى إلى هجرة للفلاحين والمزارعين من المناطق الريفية إلى مركز المدينة، وبيع المواشي في ظل استمرار شحّ المياه، وعدم توصل الحكومة العراقية إلى حلول بشأن أزمة المياه.

أزمة مياه فادحة تعصف بالعراق جراء الجفاف والتصحر وتراجع منسوب المياه الجوفية، وتراجع القطاعات الزراعية والانتاجية الأخرى المترابطة، بما يهدد الأمن الغذائي والمائي للبلاد

 سعد سليم عضو، عضو اتحاد الفلاحيين في ديالى، اكد" إنّ الفترة الماضية شهدت أعلى نسب الهجرة من الريف إلى المدينة، بعد أن تحوّلت الأرياف إلى رمادية اللون بسبب الجفاف الذي أوقف الأنشطة الزراعية وتربية المواشي والحياة بشكلٍ شبه كامل في الأرياف، خصوصا في مناطق بلدروز وكنعان والخالص وبعقوبة، وصولاً إلى المناطق المحاذية للعاصمة بغداد مثل القرى القريبة من بلدة خان بني سعد"، مؤكداً أن "الجفاف الحاد وشح المياه، هو السبب الرئيس الذي يدفع المزارعين إلى ترك الريف واللجوء إلى المدينة، وقد تسببت هذه المشكلة بتصحر البساتين، وتحولها إلى أراضٍ سكنية، مع العلم أن أكثر من 60 بالمائة من سكان ديالى يعتمدون على الزراعة".

اهالي ديالى يحفرون الابار بعد جفاف نهر ديالى

ومع استمرار أزمة الجفاف والتصحر التي تعصف بالعراق، تشير أحدث التقارير التي تصدرها منظمات الإغاثة الدولية المعنية، إلى أن أكثر من 12 مليون نسمة في كل من العراق وسوريا، لا يملكون القدرة على الوصول إلى المياه والغذاء والكهرباء، داعية لاتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة أزمة المياه الحادة، ما يؤكد صحة ما أصدره المجلس النرويجي للاجئين مؤخرا، من تقرير حذر من تفاقم الكارثة مع ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض مستويات الأمطار والجفاف في جميع أنحاء المنطقة، مما يؤدي لحرمان الأهالي من مياه الشرب ومياه الري، ولعرقلة عمليات توليد الكهرباء نتيجة شح ونفاذ مياه السدود، وهذا يؤثر بدوره على عمل المرافق العامة الأساسية، بما في ذلك قطاع الخدمات الصحية.

صورة لسد بخمة المعطل اكبر سدود العراق

ويشير التقرير إلى أن أكثر من 7 ملايين مواطن في العراق مهددون جراء فقدان الوصول لمياه الفرات بالإضافة إلى الجفاف، الذي يعرض مئات الكيلومترات من الأراضي الزراعية لخطر الجفاف التام، وأن المياه المغذية لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ومصائد الأسماك ومنشآت توليد الطاقة ومصادر مياه الشرب قد جفت في العراق، ومن المتوقع أن إنتاج القمح سينخفض بنسبة 17 بالمئة في محافظة نينوى نتيجة للجفاف.

كبير خبراء الإستراتيجيات والسياسات المائية رمضان حمزة

أزمة مياه فادحة تعصف بالعراق جراء الجفاف والتصحر وتراجع منسوب المياه الجوفية، وتراجع القطاعات الزراعية والانتاجية الأخرى المترابطة، بما يهدد الأمن الغذائي والمائي للبلاد، وسط ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات وغيرها من مستلزمات زراعية، وركود الأسواق جراء الأزمات الصحية والاقتصادية. 

تراجع كبير في منسوب نهر سيروان بسبب قلة الأمطار وسدود إيران

كبير خبراء الإستراتيجيات والسياسات المائية، وعضو هيئة التدريس بجامعة دهوك العراقية، رمضان حمزة يقول: ان العراق يعاني من أزمة جفاف حادة، حيث تواجه المنطقة بأكملها ظروفا مناخية جافة بشكل غير طبيعي وأكثر من 50 بالمئة منها تعاني بالفعل من جفاف شديد، فالعديد من الأنهار تشهد ندرة المياه ونفوق الأسماك وهبوط مناسيب الآبار المائية.

ارتفاع نسبة التلوث في نهر ديالى إلى 70% بسبب الجفاف

ويؤكد المجلس النرويجي للاجئين وهو منظمة إنسانية غير حكومية نرويجية تختص بمساعدة الناس وحقوق الإنسان، ان العراق في خضم أزمة شح المياه الناجمة عن المستويات القياسية المنخفضة لهطول الأمطار، وسوء إدارة الموارد المائية، وانخفاض تدفق المياه إلى نهري دجلة والفرات من دول المنبع؛ حيث تفاقمت ظروف الجفاف فيه نتيجةً للأخطار المصاحبة للتغيُّر المناخي، والذي بدورهِ ساهم في انخفاض معدَّل هطول الأمطار، وزيادة درجات الحرارة في جميع أنحاء البلاد، ويضيف المجلس، ان  الجفاف اثر على شمال العراق منذ أوائل عام 2021، في حين شهدت المحافظات في الجنوب انخفاضاً في إمدادات المياه وجودتها لسنوات عِدَّة. ومنذ ذلك الحين، انخفض إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية، ممَّا أثَّر على المجتمعات المستضعفة التي تأثَّرت بالصراع والنزوح على مدى السنوات العديدة الماضية، وتضرَّر ما لا يقل عن سبعة ملايين شخص في العراق من الجفاف في الآونة الأخيرة. 

مزارعو ديالى العراقية يهجرون البساتين بسبب الجفاف

وقيِّم المجلس النرويجي في تقريره، العراق بوصفه خامس دولة معرَّضة للخطر على مستوى العالم من حيث انخفاض المياه والغذاء، ودرجات الحرارة المرتفعة جداً. 

 ومن دون المساعدات والتدابير السياسية وبناء خزانات وسدود جديدة، سيكون تأثير الجفاف وتغيُّر المناخ في العراق بمثابة محفز آخر للنزوح، وضربة مدمرة لحياة المزارعين والمجتمعات الريفية في العراق خصوصا.

لم تبذل الحكومة العراقية الجهود الكفيلة بمكافحة الجفاف والتصحر لاعلى الصعيد المحلي ولا الدولي، وتركت دول المنبع تتحكم بتوطيه مياه الانهر حيثما تشاء، فتفاقم الوضع الزراعي والمعيشي لسكان المناطق المعتمدة اساسا على مياه الانهر في الزراعة والصيد وغيرها من المهن، وبات من الملح العمل على ايجاد حلول حقيقية لمشكلة الجفاف في العراق والتي قد تهدد الحياة باكملها، في ظل اوضاع صعبة على الصعيدين المحلي والدولي.

 

 

 

 

 

 

اختيار المحررين