إنتاج العدالة

12:13 - 2022-06-30
القاضي اياد محسن


الداعي نيوز / مقالات 


يرى بعض الكتاب أن العدالة لم تعد مجرد أحكام قضائية تصدر من المحاكم في قضايا المتخاصمين ... بل إننا اصبحنا امام ما يسمى بمنتج العدالة وهو منتج مهم وسام  تقدمه المؤسسات القضائية لمستهلكي العدالة وهم المواطنون ومؤسسات الدولة الأخرى، وكلما كان هذا المنتج جيدا ومميزا تلقاه المواطنون بارتياح وثقة عالية وترسخت العدالة الانطباعية في وجدان الرأي العام.  هذا المنتج المهم والذي يلامس مصالح الناس وأموالهم وحرياتهم لا يتأتى من مجرد تطبيق القضاة للقوانين بل يحتاج الى وضع سياسات ومنهجيات تتبناها  المؤسسة القضائية ورقابة تفرض على اداء القضاة لمهام عملهم تضمن التزامهم بالمسطرة القانونية والمهنية التي تحكم الوظيفة القضائية ومن هذا المنطلق فقد اقر مجلس القضاء الاعلى في العراق ومنذ ايام مدونة للسلوك القضائي يتوجب على كافة القضاة واعضاء الادعاء العام الالتزام بها وتطبيقها..  صحيح ان الكثير من نصوص المدونة سبق وان ورد كنصوص قانونية في التشريعات التي تنظم عمل القضاة والمحاكم لكن عملية جمعها وتدعيمها بمزيد من تعهدات السلوك المهني والأخلاقي غير المنصوص عليها في القوانين،  يجعل العمل القضائي في العراق اكثر امتثالا للمعايير الدولية بهذا الشأن، مدونة السلوك المهني هي اعلى مستويات الالتزام الأخلاقي وهي باعتقادي تعني  ان القضاة اختاروا ان يلزموا أنفسهم بمستويات للسلوك المهني والأخلاقي فوق مستوى الالتزامات التي يفرضها القانون، صحيح ان مدونة السلوك هذه تزيد من مستويات التضييق على حريات القضاة وحياتهم الشخصية لكنها تصب في سبيل إنتاج العدالة بأحسن مستوياتها. كذلك فان تطبيق هذه المدونة يزيد من فرص توفير الأمن القضائي في المجتمع ويوفر تطمينات لجميع اطراف الدعاوى بان عمل القضاة محكوم بمدونة سلوك مكتوبة ومطبقة وفقا للمعايير الدولية الحديثة وقد استقت اغلب احكامها من مبادئ بانغالور للسلوك القضائي حيث تؤكد كافة الاتفاقيات الدولية المعنية بتنظيم عمل المؤسسات القضائية على تدعيم نزاهة الجهاز القضائي من خلال وضع قواعد سلوك مهنية لأعضائه لضمان مستويات اعلى من العدالة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين